يقتفي المؤرخ والمفكر الفلسطيني اليساري الدكتور ماهر الشريف، في كتابه الصادر مؤخرًا عن "دار الفارابي" البيروتية، أثر فلسطين في «الكتابة التاريخية العربية»، مبرزًا العلاقة بين فلسطين، من جهة، والتاريخ وكتابته، من جهة أخرى، ليؤكد لنا أن هذه العلاقة إنما "هي علاقةً خاصة بل فريدة، نجمت، في الأساس، عن كون الصهيونية مشروعًا سياسيًا جعل من التراث اليهودي، الواقعي والأسطوري، أداة لاستيلاد أمة وإقامة دولة".
يسعى كتاب «فلسطين في الكتابة التاريخية والعربية» (413 صفحة من القطع المتوسط)، للإضاءة على حالة البحث العربي في القضية الفلسطينية، من خلال التوقف عند أبرز محطات الوعي بهذه القضية كما عكسه بعض الكتابات التاريخية العربية، وبتمشٍ علمي رصين ينهل المؤلف من مساهمات لعدد من الباحثين الفلسطينيين والعرب، حول تاريخ فلسطين القديم، وفي العصرين الإسلامي والعثماني، والمعاصر، ليزاوج في ما بينها، ويضيء على وظيفة المؤرخ والإشكاليات التي يقع فيها، بالإضافة الى المصادر والمراجع التي اعتمد عليها.
تناول الكتاب في فصوله الأربعة: القضية الفلسطينية وإشكالياتها في قلب تاريخ فلسطين المعاصر، وتاريخ فلسطين القديم، وتاريخ فلسطين في العصر الاسلامي وأسئلته، وأخيرًا يتساءل المؤلف في الفصل الرابع: "أين وصل البحث في تاريخ فلسطين العثماني؟".
وفي تقديمه للكتاب، يشير ماهر الشريف، الذي قلب الآية في بحثه بتقديم العهد المعاصر المختص به، لينتقل بعدها إلى تاريخ فلسطين القديم وباقي العصور التي مرت عليها، يشير إلى أن وليد الخالدي، يفسر في تمهيد كتابه: «قبل الشتات: التاريخ المصوّر للشعب الفلسطيني» العلاقة بين فلسطين والتاريخ، فيكتب: "غالبًا ما ينغمس أطراف النزاع في تاريخ نزاعهم، ويستحوذ تاريخ الظلم وخلفيته على المظلوم أكثر مما يفعل على الظالم. وتتأثر شدة هذا الاستحواذ وطوله على المظلوم بعدة عوامل: فهناك طبيعة الحيف الذي حلّ في المقام الأول؛ ثم موقف الأطراف الأخرى من هذا الحيف؛ وأخيرًا لا آخرًا مسلك الطرف المستبد الظالم بعدما اقترفت يداه ما اقترفت". ويتابع الخالدي: "وفي حالة الفلسطينيين، وهم الطرف المظلوم في صراعهم مع الصهيونية، فإننا نجد أن هذه العوامل قد تضافرت معًا لتطيل وتشدد من وطأة استحواذ التاريخ عليهم".
بيد أن هذا الصراع مع الصهيونية – بحسب الشريف –، "لم يفرض على الفلسطينيين، والعرب الآخرين، أن يجعلوا من التاريخ سلاحًا من أسلحة المواجهة، المتواصلة منذ أكثر من قرن، وإنما فرض على كتابتهم التاريخية، في أحيان كثيرة، موضوعاتها ومحاور بحثها. وهو استخلاص زكته دراسة كنت قد أعددتها قبل سنوات طويلة لمشروع المؤرخ الفلسطيني الراحل إميل توما، الذي اشتمل على أربعة عشر مؤلفًا هدف معظمها، عبر رواية مغايرة للرواية الصهيونية، إلى إبراز استمرارية وجود الفلسطينيين على أرضهم، وتأكيد انتمائهم العربي ومشروعية نضالهم من أجل حقوقهم الوطنية، وإلى دحض المقولات والأساطير التي أشاعتها الصهيونية، ومن ضمنها مقولة أن فلسطين "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، وأسطورة التاريخ "الأزلي" للصهيونية، ومقولة أن الفلسطينيين لم يمتلكوا، قبل بداية الهجرة والاستيطان اليهوديين، أية خصائص ثقافية مميزة".
فلسطين وإشكاليات الكتابة التاريخية ..
في القسم الاستهلالي من الكتاب، يعرج "الشريف" على دور التاريخ منذ بدايات الإسلام في الحياة العربية، وارتباطه فيما بعد، في العصر الحديث بعصر النهضة العربية، التي كانت اللغة من مقوماتها الأساسية. وفي هذه الاستهلالية أيضًا، إطلالة على ما يجري على الساحة في السنوات الأخيرة من ولادة «مؤرخين هواة»، يكتبون السيناريوات التلفزيونية لا سيما في رمضان، من خلال أعمال تاريخية، يقع فيها الكتّاب هنا، بين الواقع والمتخيّل، ويخلقون إشكاليات واسعة، ذلك أن الكتابة الدرامية تطرح "إشكالية العلاقة بين التاريخي والمتخيل، أو بين الواقعي واللاواقعي، لا سيما أن المشاهد يصدق الصورة التي يشاهدها" (ص 16).
ويُخبرنا صاحب «مقدمة في تاريخ فلسطين الاقتصادي والاجتماعي» منذ البدء، أن اهتمامه بدراسة حالة البحث في تاريخ فلسطين قد بدأ منذ سنة 2007 عندما شارك في مشروع: "تقويم القدرات العلمية والتقنية والابتكارية لبلدان حوض المتوسط"، الذي أشرف عليه "معهد بحوث التنمية" في باريس، ببحث بعنوان: "حالة البحث العلمي في حقل التاريخ (وعلم الآثار) في سورية". وأنه مع الوقت راح هذا الاهتمام يتعمق، الأمر الذي شجعه، في إطار عمله السابق كباحث في "المعهد الفرنسي للشرق الأدنى" بدمشق، على تنظيم ندوة عربية تحت عنوان: "هل هناك اتجاهات جديدة في كتابة التاريخ العربي؟"، انعقدت في دمشق في شهر نيسان/ ابريل من العام 2010، وشارك فيها عدد من الباحثين والباحثات من عدة بلدان عربية. و"نظرًا إلى أن كتابة تاريخ فلسطين هي جزء من الكتابة التاريخية العربية، فقد ارتأيت أن أعد لتلك الندوة بحثًا عن هذا الموضوع، تطرقت فيه إلى موقع التاريخ وأهميته في العالم العربي، وإلى مكانة المؤرخ ودوره الاجتماعي والعلاقة بين التاريخ وبين أشكال التعبير الأدبي والفني، ثم توقفت عند أبرز الإشكاليات التي تواجهها الكتابة التاريخية العربية، وسلطت فيما بعد الضوء على حقول هذه الكتابة وعلى مصادرها وعلى مهنة المؤرخ والتحديات التي تواجهها اليوم".
ويبين صاحب «البحث عن كيان: دراسة في الفكر السياسي الفلسطيني»، أن كتابه هذا يضم أبحاثًا كان قد أعدها خلال السنوات الماضية عن كتابة تاريخ فلسطين، بعضها نُشر أو قُدم في ندوات ومؤتمرات علمية، وبعضها الآخر أُعد خصيصًا للكتاب الذي بين يدينا. لافتًا إلى أنه لم يطمح منذ البداية، إلى إعداد كتاب جامع عن تاريخ فلسطين عبر حقبه المختلفة، ولا أن يرصد كتابات كل من اهتم بحقول الكتابة التاريخية عن فلسطين؛ "فهذه مهمة لا أدعي القدرة على القيام بها، وهي تحتاج إلى فريق عمل، بل ربما إلى فرق عمل بحثية تقوم بجرد حساب لكل ما كتب عن تاريخ فلسطين". وعليه، فقد اختار أن يعاين بعض حالات بحثية في كتابة تاريخ فلسطين، وذلك بالرجوع إلى مساهمات عدد من الباحثين الفلسطينيين والعرب الذين تناولوا، استنادًا إلى مناهج مختلفة، هذا التاريخ في حقبه المختلفة: (القديم، والإسلامي، والعثماني، والمعاصر).
أما مقاربته لمساهماتهم هذه، فقد حكمتها، إلى حد كبير، الإشكاليات التي تصدوا لها والأسئلة التي سعوا إلى الإجابة عنها، وكذلك المصادر والمراجع التي استندوا إليها.
ملاحظًا أنه "ضمن حدود مشروعي هذا، قصرت اهتمامي على الكتابات التي صدرت باللغة العربية وحدها، ولم أتناول بالبحث كتابات عن التاريخ الفلسطيني صدرت لباحثين فلسطينيين وعرب، باللغات الأجنبية، وذلك على الرغم من أهمية هذه الكتابات".
وفي هذا السياق، يذكر المؤلف أن الاشتغال على حقل «تاريخ فلسطين المعاصر»، استأثر بالقسط الأكبر من اهتمام الباحثين الفلسطينيين والعرب. لافتًا إلى أنه "بينما بقي الاهتمام بحقلي «تاريخ فلسطين القديم والإسلامي» محدودًا، نشهد، في السنوات الأخيرة، تعاظمًا للاهتمام بحقل «تاريخ فلسطين العثماني»، وبخاصة في المرحلة المتأخرة منه".
واستنادًا لهذا يرى صاحب «فلسطين في الأرشيف السري للكومنترن»، أن القضية الفلسطينية وتفاعلاتها ستبقى تحتل موقع القلب في جسم الكتابة التاريخية العربية عن فلسطين، وستظل إشكالية النكبة وتداعياتها في محور اهتمام العديد من الباحثين، وذلك – كما يكتب جوزيف مسعد - بسبب "ديمومة المسألة الفلسطينية" واستمرار "المأساة" الناجمة عن "احتكاك الفلسطينيين بالصهيونية". غير أنه يشير هنا إلى أن "الاعتراف بهذه الحقيقة لا يعني أن هذه الكتابة ظلت تراوح مكانها وتدور حول نفسها؛ فالواقع أن مركزية القضية الفلسطينية، وهيمنة إشكالية النكبة، لم يحولا دون ارتسام آفاق تأريخ عربي جديد، راحت توجهاته تتبلور منذ سنوات عديدة، وتنحو في اتجاه تطوير أساليب الكتابة التاريخية العربية عن فلسطين، وتنويع وإغناء مصادرها وتوسيع دائرة اهتماماتها.
تعاظم تعميق الروح النقدية في كتابات المؤرخين الفلسطينيين ..
وفي هذا الصدد، يذكر المؤرخ الفلسطيني أنه توقف عند ثلاثة من هذه التوجهات، هي: أولًا: بهدف تجاوز شحة المصادر الأولية، أو صعوبة الوصول إليها، يبرز توجه للوصول إلى محفوظات لم يجر استثمارها بعد، أو لم يجر استثمارها بما فيه الكفاية، مثل محفوظات الجيشين الأردني والمصري، ووثائق جامعة الدول العربية، ومحفوظات منظمات دولية، كالصليب الأحمر الدولي في جنيف وهيئة الأمم المتحدة في نيويورك. كما يتزايد اهتمام الباحثين الفلسطينيين، ومنهم صالح عبد الجواد، بالتاريخ الشفوي من خلال جمع شهادات فاعلين شهدوا الأحداث أو شاركوا في صنعها. ويتصدى العديد منهم، مثل: سليم تماري وعصام نصار، لمهمة تحقيق المذكرات ونشرها، وجمع الأوراق والوثائق المحفوظة لدى بعض العائلات الفلسطينية، وكذلك أرشيفات الصور.
ثانيًا: خلافًا لما يشيعه بعض الباحثين الإسرائيليين، كانت الروح النقدية حاضرة في الكتابة التاريخية العربية عن فلسطين. وقد تعاظم التوجه لدى المؤرخين الفلسطينيين نحو تعميق هذه الروح النقدية في أبحاثهم، إذ راحت تبرز في السنوات الأخيرة دراسات – كدراسات يزيد صايغ ورشيد الخالدي - متسلحة بنظرة نقدية إلى "الداخل" ومتجردة من العواطف، وهي دراسات ينبغي تعميقها أكثر فأكثر في إطار السعي إلى الإجابة عن سؤال كبير ما زال معلقًا، وهو: لماذا تغلبت إسرائيل وما زالت متغلبة، في حين بقينا نحن، على الرغم من صعود قيادات جديدة بعد نكبة 1948 ونكسة 1967 إلى مسرح الأحداث السياسي وتطوّر إستراتيجيات وأساليب المواجهة، ننتقل من هزيمة إلى أخرى؟.
ثالثًا: أخذ يبرز مؤخرًا، في حقل الدراسات التاريخية العربية عن فلسطين، توجه واضح للانتقال من الماكرو– تاريخ إلى الميكرو- تاريخ، ومن التركيز على "القضية" إلى التركيز على صاحب هذه القضية، بما يضع الشعب الفلسطيني وتجمعاته المتنوعة، في الوطن والشتات، في مركز اهتمام الكتابة التاريخية، وذلك عبر السعي إلى اكتشاف المذابح التي تعرض لها الفلسطينيون وتدوين أحداثها، كما فعل وليد الخالدي وبيان نويهض الحوت، أو كتابة تجارب تجمعات فلسطينية محددة، كما فعلت روز ماري صايغ، أو كتابة تاريخ المدن العربية في فلسطين، وبخاصة في أواخر العهد العثماني وفي عهد الانتداب البريطاني، كما فعل اسبير منيّر ومي إبراهيم صيقلي ومحمود يزبك وجوني منصور ومصطفى العباسي وموسى سرور وغيرهم، أو تاريخ القرى الفلسطينية، وبخاصة المدمرة منها.
وهكذا – بحسب "الشريف" -، تنفتح أمام «الكتابة التاريخية عن فلسطين» آفاق جديدة، ويبرز، شيئًا فشيئًا، تاريخ جديد لا يفرّط بالمكتسبات المعرفية التي تحققت حتى الآن، ولا يساوم عليها بل يسعى إلى تعميقها وإثرائها.
وفي حوار معه أجرته مجلة "أوريان 21" الالكترونية، ونُشر الشهر الماضي (تشرين أول/ اكتوبر) باللغة الفرنسية، يقول "الشريف" جوابًا على سؤال: هل انبثاق مثل هذا التاريخ العربي الجديد عن فلسطين قد تأثر بظاهرة «المؤرخين الجدد» في إسرائيل؟ "لعل ظاهرة «المؤرخين الجدد» في إسرائيل قد خلقت تحديًا أمام الكتابة التاريخية العربية عن فلسطين، لكنها لم تترك، في ظني، تأثيرًا مباشرًا عليها. ومهما يكن، فهي ظاهرة مهمة ساهمت في دحض العديد من الأساطير التأسيسية التي قامت عليها الرواية التاريخية الإسرائيلية الرسمية، علمًا أن معظم هؤلاء المؤرخين «الجدد» –باستثناء إيلان بابه وآفي شلايم ربما- لم يتمكن من الذهاب بعيدًا في استخلاصاته للوصول إلى حد الإقرار الصريح بالمسؤولية السياسية والأخلاقية التي تتحملها دولة إسرائيل عن مأساة الشعب الفلسطيني. بل قام بعضهم بإعادة النظر في مواقفه السابقة، كما فعل بني موريس الذي تراجع، بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية سنة 2000، عن الاستخلاصات التي كان قد توصل إليها في كتابه: «ولادة مشكلة اللاجئين الفلسطينيين 1947-1949»، وصار يحمّل العرب المسؤولية عن مأساة تشريد الفلسطينيين وتضييع فرص السلام".
وجوابًا على سؤال آخر، هو: هناك من رأى، مع ذلك، في ظاهرة «المؤرخين الجدد» في إسرائيل دليلًا على إمكان تفوق "تاريخ المنهزمين" على "تاريخ المنتصرين"، فما رأيك؟. يقول "الشريف": "الواقع أن بعض أبحاث «التأريخ الجديد» في إسرائيل قد زكّى الرواية التاريخية العربية في خطوطها العريضة، وبخاصة فيما يتعلق بموقعي الضحية والمعتدي. وهنا أستعيد ما قاله المؤرخ الفلسطيني طريف الخالدي في إحدى المناسبات، وهو أننا أجبرنا الإسرائيليين على إعادة كتابة هذه الفترة من التاريخ الفلسطيني الحديث (نشوء إسرائيل وتهجير الفلسطينيين القسري)، وإن لم نجبرهم بعد على مواجهة النتائج الأخلاقية المترتبة على مثل هذا الاعتراف. كما يحضرني، في هذا السياق، ما كان قد استخلصه المؤرخ رينهار كوسليك في كتابه: "تجربة التاريخ" ومفاده أن التاريخ "يكتبه المنتصرون على المدى القصير، ويحافظون عليه على المدى المتوسط، لكنهم لن يخضعوه أبدًا لسيطرتهم على المدى البعيد"؛ فعلى المدى البعيد "تتأتى المكتسبات التاريخية للمعرفة من المنهزمين؛ ومع أن ذلك لا يعني أن كل ما يكتبه المنهزمون هو أكثر ثراء، يبدو أن شرط المنهزم ينطوي على طاقة لا تنضب لمعاظمة المعرفة".
إن أهمية هذا الكتاب، تكمن في المساهمة في إغناء المكتبة المتحدثة عن «تاريخية فلسطين»، وإعادة الاعتبار الى المؤرخ ودوره، لا سيما أنّ التاريخ كما يورد المؤلف، "لم يكن يومًا سلاح مواجهة بيد العرب"، مع استحواذ الصهاينة على نشر روايتهم المختلقة. ويُحسب لصاحب الكتاب اعترافه في المتن أنه لم يرصد كل من اهتم بحقول الكتابة التاريخية عن فلسطين، "فهذه مهمة تحتاج الى فرق عمل بحثية تقوم بجردة حساب لكل ما كُتب عن تاريخ فلسطين" (ص347)، كذلك اشارته في البدء إلى أن "البحث الجماعي في إطار الفرق البحثية لا يزال غائبًا تقريبًا في ميدان الدراسات التاريخية العربية" (ص33)، وأن "علاقات التأريخ العربي بالعلوم الإنسانية والاجتماعية مثل الأنتولوجيا والأنتروبولوجيا وعلم النفس والألسنيات لا تزال محدودة" (ص34)، هذا إضافة إلى بيان أن "ما يواجهه المؤرخ العربي على صعيد الممارسة من مشاكل في البيئة السياسية والاجتماعية التي تحول في بعض الأحيان دون تمتعه بحرية كاملة في البحث" (ص34).
ومن الاستخلاصات الهامة التي توصل إليها "الشريف" بدراسته هذه، أن تاريخ فلسطين المعاصر تحوّل في الآونة الأخيرة إلى مصدر اهتمام لمعظم الباحثين العرب، لا سيما قضية النكبة وتداعياتها. يرسم هذا التأريخ مسار كتابة تطوّرت بأشكالها عن فلسطين، ونوّعت وأغنت مصادرها واهتماماتها.
ماهر الشريف في سطور ..
يُشار أخيرًا إلى أن المؤرخ والمفكر الفلسطيني اليساري د. ماهر الشريف، من مواليد 1950، ولد في مدينة دمشق لأب فلسطيني وأم سورية. وهو باحث متفرغ في "مؤسسة الدراسات الفلسطينية" في بيروت. حائز درجة دكتوراة دولة في الآداب والعلوم الإنسانية من جامعة باريس الأولى- السوربون عام 1982، ودرجة دكتوراه حلقة ثالثة في التاريخ المعاصر من الجامعة نفسها عام 1977. وكان أستاذ التاريخ العربي في "المعهد الفرنسي للشرق الأدنى"، دمشق ثم بيروت. وهو الآن باحث في "المعهد الفرنسي للشرق الأدنى" في بيروت، وعضو اللجنة الدولية المشرفة على فصلية «أبحاث دولية» في باريس، وعضو لجنة تحرير «دفاتر مجموعة الأبحاث والدراسات حول المغرب العربي والشرق الأوسط» في باريس.
ومن مؤلفاته: «التراث الثقافي الفلسطيني»، (إشراف)، منشورات لوسيكومور، باريس 1980؛ منشورات رادوغا، موسكو 1985. و«الشيوعية والمسألة القومية العربية في فلسطين 1919-1948»، مركز الأبحاث - منظمة التحرير الفلسطينية، بيروت 1981. و«مقدمة في تاريخ فلسطين الاقتصادي والاجتماعي»، دار ابن خلدون، بيروت 1985. و«البحث عن كيان: دراسة في الفكر السياسي الفلسطيني 1908-1993»، مركز الأبحاث والدراسات الاشتراكية في العالم العربي، نيقوسيا – دمشق 1995. و«رهانات النهضة في الفكر العربي»، دار المدى، دمشق 2000. و«تيار الإصلاح الديني ومصائره في المجتمعات العربية»، (إشراف)، ماهر الشريف وسلام الكواكبي، (عربي - فرنسي)، منشورات المعهد الفرنسي للشرق الأدنى، دمشق 2003. و«فلسطين في الأرشيف السري للكومنترن»، دار المدى، دمشق 2004. و«حداثات إسلامية»، (عربي - فرنسي)، (إشراف)، ماهر الشريف وسابرينا مرفان، منشورات المعهد الفرنسي للشرق الأدنى، دمشق 2006. و«تطور مفهوم الجهاد في الفكر الإسلامي»، دار المدى، دمشق 2008. و«السير الذاتية العربية في بلاد الشام»، (إشراف)، ماهر الشريف وقيس الزرلي، منشورات المعهد الفرنسي للشرق الأدنى ودار المدى، دمشق 2009. و«قرن على الصراع العربي الصهيوني: هل هناك أفق للسلام»، دار المدى، دمشق 2011. و«دراسات في الدين والتربية وفلسطين والنهضة - تكريمًا للدكتور هشام نشابه»، (تحرير)، ماهر الشريف ومحمود سويد، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت 2015.